Saturday, September 04, 2010

خارج الجسد


ليست المرة الأولى التي اتمكن فيها من إخراج روحي خارج جسدي ولكن ربما هي المرة الأولى التي أعى فيها هذا الاحساس الى هذا الحد

سقط شيئ ما على رأسي-ليست المرة الأولى وبالتأكيد لن تكون الأخيرة- بلعت المرارة ومعها قدر غير قليل من مياه مالحة اعتقد انها دموع رفض كبريائي وصولها الى عيناي التي أغمضتها واستلقيت ..شعرت ببرد شديد يهاجم اطرافي ..برد ليس كالبرد الذي نشعر به عند انخفاض درجة الحرارة خاصة اننا في في عز الحر في عز الضهر وجهاز التكييف مغلق وكذلك النافذة

ممم هل سبق لك أن دخلت غرفة العمليات ...غرفة شديدة البرودة لا اعلم هل هي فعلا باردة ام انه احساسي بها ..ينتشر فيها اشخاص كثيرون يرتدون ازرق- اخضر وربما لمحت بعض الأبيض ! لا اذكر

يتحرك هؤلاء الأشخاص حولك بلا سبب محدد مفهوم وانت مستلقي على ظهرك – كما انا الآن – يغطيك ملاية خفيفة ,ترتدي شيئا لا وصف له يكفي فقط ان تعرف انه مالوش لازمة ..يبدأ الأشخاص الخضر الزرق وربما البيض الملثمون -ترى فقط عيونهم- في التحرك بسرعة ودقة وصمت ..أحدهم يسحب الغطاء والآخر ينزع عنك الشيئ اللي مالوش لازمة ويلصقون بجسدك اشياء دائرية بيضاء متصلة باسلاك..وفي نفس اللحظة يكون هناك أشخاص آخرون يبحثون عن عروقك الهاربة ليضعوا فيها –الكانيولا- وهي لمن لا يعلم هي انبوبة بلاستيكية تنتهي بإبرة يدخلونها في وريدك استخدامها الأساسي كبديل لحقنك كلما احتاج الأمر فالكانيولا هي الوصلة بين عرقك والعالم الخارجي يدخل منه اي وكل محلول –دواء-مخدر يريد الأطباء إعطاءك اياه في فترة وجودك في المستشفى ..لا يهم

ما يهم انهم يبحثون عن الوريد الهارب بالابرة كما لو انهم يحيكون ثوبا ...في اللحظة التي تعي فيها ان هذه معاملة غير آدمية وتقرر ان تعترض تجد الرد السريع قبل ان يرتد اليك طرفك.. حقنة البنج في الكانيولا في ظهر كف يدك ..تشعر بالسائل البارد يتسلل ببطئ قوي داخل عرقك ..تشعر بمساره تتعرف على هذا الوريد الذي يسكنك منذ وجودك لأول مرة ..تشعر بكل خطوة يخطوها داخلك هذا السائل البارد ..حتى يصل الى مخك ..تدرك هذا الشعور في اقل من جزء من الثانية ..يصاحبه شعور ببرد لم تشعر به من قبل ..وبعدها لا شيئ انت لست موجود لمدة لا تستطيع ادراكها فقط تشعر انك تركض وربما تطير او تسقط بسرعة جنونية- كأن حد حدفك – في انبوبه سوداء وفجأة ترى ضوءا قويا فتعلم انك فتحت عيناك ولا تبصر شيئا ولا تذكر شيئا

أطلت الحديث عن وصف البرودة ....هي برودة مميزة حقا تستحق بضعة سطور لتوصف ...شعرت بها وببعض الاحاسيس الاخرى المصاحبة لغرفة العمليات ..ربما استطاعت تلك البرودة نقلي الى ذات الحالة ولكني هذه المرة أعي جيدا ما يحدث ..نعم فأنا مستلقية على بطني ..اغطي نفسي بغطاء ثقيل لا يقلل من احساسي بالبرودة ابدا ..أرى نفسي جيدا مع اني مغصة العينان ..أشعر اني في خارجي ..هل مت ! ممم استطيع ان احرك يدي ! ولكن كأن الأمر آت من خارجي ..لست أنا التي بداخلي هي التي استطاعت تحريك يدي ولكن الأنا الأخرى الواقفة بجوار سريري التي لا أراها لأنها أنا ولكني أرى أنا الأخرى المستلقية ..أرى قسمات الوجه بوضوح ..أرى الدمعة الهاربة لا اشعر بهذه الدمعة فقط أراها من خلال أنا التي تقف بجوار السرير....اشعر وكأني أسبح ..أو أطير ...ببطئ ..من الذي يشعر هنا..أهي أنا أم أنا ؟ ...لا أعلم بالتحديد ! حسنا عودة مرة أخرى لأنا المستلقية.التي أعرفها جيدا ولكنها ليست أنا ! ....

أخافني الأحساس فقررت الاتحاد مرة أخرى ..فالتعود أنا وأنا ك أنا واحدة ..مم نجحت التجربة ! اذن أنا لم أمت ! أنا فقط استطعت اخراج روحي خارج جسدي ! لا داعي للاستلقاء الآن فالأنهض ..لا داعي للاستسلام ..مازلت قادرة على الحياة اذا أردت.. ومازال هناك حياة لم اعشها وتجارب لم اختبرها ...مازال هنك سعادة تنتظرني في مكان ما ...بالتأكيد

اذا كنت ترغب في معرفة المزيد عن تجربة الخروج خارج الجسد اقرأ هنا